بعض العبر والدروس في سورة يوسف 1

بسم الله الرحمن الرحيم
دروس وعبر من سورة يوسف

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله r وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

للقصة في القرآن الكريم حكماً عظيمة وفوائد جليلة ففيها المواعظ والعبر والدروس, قال تعالى :] نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ [ (يوسف: من الآية3) ,وقال تعالى: ]لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [ (يوسف:111)

ولقد جاءت قصة يوسف u في سورة كاملة دليلاً واضحاً على هذه الحقيقة, لأنها جامعة لأمور الدين والدنيا,مليئة بالدروس والعظات,فالسورة مكية وقد نزلت في فترة حرجة من حياة الرسول r فكان نزولها عام الحزن الذي توفي فيه أبو طالب عم الرسول r وزوجته خديجة رضي الله عنها, وفي هذه الفترة أشتد أذى قريش وقد بلغت الشدة والابتلاء والتعذيب مبلغها من كفار قريش لصحابة رسول الله r , وفي تلك الفترة نزلت هذه السورة سكينة للنبي r ولصحابته, فهي من أحسن القصص التي يتعرف فيها المسلم على سنن الله في الكون, وفيها تعزية وتصبّر لكل مسلم تنزل به مصيبة أو تمر عليه فتنة وحالات تشابه حالته u فهو نموذج للصبر والرضا والتسليم بما قدر الله في زمن الشدة والضراء, وكان نموذجاً للعدل والأمانة والشكر والذكر لله في زمن الفرج والسراء .

والقارئ لهذه السورة يسأل كيف نصل إلى ما وصل إليه يوسف u ؟ كيف ننجو من البلاء الذي قد يصيبنا ؟ فنجد جواب ذلك كله أن القرآن الكريم ما نزل من أجل تلاوته فقط بل نزل من أجل العمل والالتزام والتنفيذ, فعند تلاوتنا للقرآن الكريم ينبغي أن نحرص على التدبر والاتعاظ والاعتبار والتطبيق عملياً لما نقرأه من الآيات . وسنشير فيما يلي لبعض الدروس والعبر التي اشتملت عليها سورة يوسف:

أولاً : العاقبة الوخيمة للحسد

الحسد هو تمني زوال النعمة عن الغير , وهو أصل يتولد منه الكثير من رذائل الأخلاق, ومرض خطير وداء عضال يفصم عرى الأخوة , وينشر البغضاء بينهم , وهذا الداء ظهر بين أبناء يعقوب u عندما حسدوا يوسف u على المكانة التي كان يتبوؤها عند والده فأرادوا إبعاده عن وجه أبيهم إما بقتله أو طرحه في الأرض واتفقوا أخيراً على إلقائه في البئر قال تعالى:]إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ[ (يوسف: Cool

.

فقد حملهم الحسد على الإضرار بأخيهم بل وبأبيهم وبأنفسهم بدليل أنهم ندموا على ما فعلوا وطلبوا في نهاية القصة المغفرة من أبيهم وتجاوز أخيهم عنهم وقد فعلا عليهما الصلاة والسلام , ولهذا فالحسد مدخل من مداخل الشيطان على النفس, ليشغلها عن عمل الخير والطاعة وعن فعل ما فيه نفعها ونفع غيرها، فيصبح ويمسي وكل همه وشغله الإضرار والإساءة إلى غيره فيعيش في هم دائم وقلق مستمر لما يرى من تنزل فضل الله على عباده، كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله , ومن أضرار الحسد أنه يمنع الحاسد من قبول الحق إذا جاءه عن طريق المحسود، ويحمله على الاستمرار في الباطل، وكما أنه يحمل صاحبه على الوقوع في عرض المحسود بالغيبة أو البهتان. ولذلك حذرنا الإسلام من الحسد,.قال r: «دبّ إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء هي الحالقة, لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين , والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أفلا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم : أفشوا السلام بينكم» رواه الترمذي. وقال r :«لا تباغضوا,ولا تحاسدوا ,ولا تدابروا, وكونوا عباد الله إخواناً, ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» رواة البخاري .

وقد أمرنا الله سبحانه بالاستعاذة من الحاسد ومن شره فقال تعالى:]َمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [ (الفلق:5), ووجه الرسول r بالمحافظة على الورد اليومي الذي يحصّن المسلم من الآفات والشرور ومن أكبرها الحسد ـ نعوذ بالله منه ـ

ودعانا r في الوقت نفسه إلى الغبطة (وهي تمني ما عند الغير من دون الإضرار به) ويدخل في ذلك المنافسة في الصالحات والطاعات والمسابقة إلى الخيرات والمسلم الصادق في إيمانه يتشجع حين يرى غيره قد عمل صالحاً لم يستطع هو أن يعمله ويدعوه ذلك إلى بذل المزيد من الجهد في عمل الصالحات,حيث قال الرسول r :«لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلط على هلكته في الحق, ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها» رواه البخاري, وقال الرسول r " مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالاً وعلماً, فهو يعمل بعلمه في ماله, فينفقه في حقه. ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو كان لي مثل ما لهذا عملت فيه مثل الذي يعمل, قال رسول الله r :«فهما في الأجر سواء». ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً, فهو يخبط في ماله, وينفقه في غير حقه, ورجل لم يؤته الله علماً ولا مالاً. فهو يقول, لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل, قال رسول الله r : فهما في الوزر سواء " رواه ابن ماجه وقال الألباني : صحيح.

ثانياً : العاقبة الحميدة للصبر

من فوائد قصة يوسف u التربية على الصبر الذي تحلى به يوسف u وأبيه من قبله يعقوب u, فقد مرت بهما محن كثيرة ومصائب عديدة فكان الصبر علاجها .

فيعقوب u ابتلي بمصيبتين عظيمتين: الأولى فقده ليوسف u وهو صغير.

فما كان منه إلا أن قال, قال تعالى: ] فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [ (يوسف:18).

شكرلك مقبل ع الموضوع الرائع

بوركت اخي Rolling Eyes

زائر

بورك فيك
على الموضوع الجميل

جزئك الله الف خير يا اخي مقبل رسا م
واجعله في مزين حسنتك ولك جزيل الشكر والتقدير
السلام عليكم ورحمة الله وبركة

» بعض العبر والدروس في سورة يوسف 2
» بعض العبر والدروس في سورة يوسف 3
» بعض العبر والدروس في سورة يوسف 4
» بعض العبر والدروس في سورة يوسف 5
» واخيراً بعض العبر والدروس في سورة يوسف 6