يحتفل العالم العربي والاسلامي بعيد الفطر السعيد وسط ظروف غير عادية تمر بها امتنا العربية التي تتعرض للضغوط ومحاولات الهيمنة على مقدراتها وتعريض شعوبها للخطر...
والعيد مناسبة للفرح وهو فرصة للتواصل والمشاركة والحفاظ على افضل علاقة انسانية ونسيان الاحقاد وفتح صفحة جديدة اساسها المحبة والتسامح.
صحيح ان العيد للجميع ، لكن الاطفال هم الشريحة الاكثر اهتماما بهذه المناسبة ، وهم محط اهتمام الاهل من خلال تأمين اللباس الجديد وتقديم الهدايا وتوفير الاجواء المناسبة لقضاء اوقات جميلة في اماكن الالعاب والنزهة والمحافظة على راحتهم وسلامتهم.
وراحة الاطفال وسلامتهم مسؤولية الجميع ابتداء من البيت والشارع والحديقة وموقع الالعاب في كل الاماكن التي يرتادها الاطفال في الاعياد.
اول الاخطار التي تهدد الاطفال ، الالعاب النارية والمفرقعات وما يمكن ان ينجم عنها من اذى الاطفال.. وثاني الاخطار هو الاطعمة المكشوفة وغير المراقبة صحيا.
ولاننسى بعض وسائل اللعب واللهو والتي يتم تجهيزها بسرعة ، وقد تشكل خطرا على الاطفال لافتقاد بعضها لعناصر الامان،،
وهذا يحتم على الاهل مرافقة اطفالهم ومتابعتهم للاطمئنان على سلامتهم .. وكل عام وانتم بخير.
الأطفال والعيد ثنائية مشتركة ومتداخلة فيما بينها تشكل لوحة فنية تشعل قناديل الفرح في النفوس في لحظة التقاء الزمان بالمكان وبالإنسان.. ويبقى العيد بالنسبة للأطفال هو قطار الفرح الملون الذي سيغمرهم بنشوة السعادة والهناء وليقطفوا من حديقته ألوان بهجة مفعمة بنداوة الغابات المخضرة كحقول سنابل القمح المعطاء.
العيد بالنسبة للأطفال قطار يحمل معه كل الفرح الملون بأحلام وردية وإشراقات مجدولة بضحكات الأطفال البريئة الصافية التي تملأ فضاء الكون بهجة وهم يرددون بعفوية:
بكرة العيد وبنعيد
وانذبح بقرة السيد
والسيد ماله بقرة
نروح لعند مرته هالشقرة
وفي صباحات العيد يمضي الأطفال كالفراشات الملونة يلهون ويلعبون وذات يوم حضرت العيد في سورية فكان الأطفال يلونون ساحات المدينة ويزينون طرقاتها يزرعون الدروب وروداً ورياحين وهم يمتطون الأحصنة وصوت أهازيجهم في المراجيح والألعاب وهم يهزجون:
يا صبح محمد يو يو
لأشد واركب يو يو
عندي بطة يو يو
بتنط نطة يو يو
عندي وزة يو يو
بتلقط الرزة يو يو
وهكذا يفرح الأطفال في العيد في مختلف بلدان العالم.. الفرح لا هوية له ولا وطن.. نأمل أن تكون أيام أطفالنا أفراحاً وسعادة وأماناً.. فهم الذين يزرعون البسمة على شغاف القلوب ويرفرفون بأجنحة ملونة بألوان الفرح وقوس قزح. فنرى النور والعطر يترقرق جذلاً من مباسم الأطفال في قبة من جلال الطهر والنقاء.
من مقالة اجتلاء العيد لمصطفى صادق الرافعي يتحدث فيها عن العيد في عقول الأطفال ويصفهم بالحكماء
من خلال استقبالهم للعيد وتعاملهم معه ومع الحياة ككل إذ يطغى عليهم نقاؤهم وصفاؤهم الفطري الذي لم يشبه
لوثات الذنوب وجراحات الآثام ووساوس الأمارة بالسوء .
كتب يقول :
(( هؤلاء الحكماء الذين يشبه كلّ منهم آدم أول مجيئه إلى الدنيا ، حين لم تكن بين الأرض والسماء خليقة ثالثة معقَّدة من صنع الإنسان المتحضر.
حكمتهم العليا: أنَّ الفكر السامي هو جعل السرور فكراً وإظهاره في العمل.
وشعرهم البديع: أنَّ الجمال والحب ليسا في كل شيء إلا في تجميل النفس وإظهارها عاشقة للفرح.
هؤلاء الفلاسفة الذين تقوم فلسفتهم على قاعدة عملية ، وهي أنَّ الأشياء الكثيرة لا تكثر في النفس المطمئنة. وبذلك تعيش النفس هادئة مستريحة كأن ليس في الدنيا إلا أشياؤها الميسرة.
أما النفوس المضطربة بأطماعها وشهواتها فهي التي تبتلى بهموم الكثرة الخيالية ، ومثلها في الهم مثل طفيلي مغفَّل يحزن لأنَّه لا يأكل في بطنين.
وإذا لم تكثر الأشياء الكثيرة في النفس ، كثرت السعادة ولو من قلة. فالطفل يقلًّب عينيه في نساءْ كثيرات ، ولكن أمَّه هي أجملهن وإن كانت شوهاء.. فأمه وحدها هي هي أمّ قلبه ، ثم لا معنى للكثرة في هذا القلب.
هذا هو السر: خذوه أيها الحكماء عن الطفل الصغير،
وتأملتُ الأطفال ، وأثر العيد على نفوسهم التي وسعت من البشاشة فوق ملئها: فإذا لسان حالهم يقول للكبار: أيتها البهائم ، اخلعي أرسانك ولو يوماً..
أيها الناس ، انطلقوا في الدنيا انطلاق الأطفال يوجدون حقيقتهم البريئة الضاحكة ، لا كما تصنعون انطلاق الوحش يوجد حقيقته المفترسة.
أحرار حرية نشاط الكون ينبعث كالفوضى ، ولكن في أدقّ النواميس.. يثيرون السخط بالضجيج والحركة ، فيكونون مع الناس على خلاف ، لأنَّهم على وفاق مع الطبيعة. وتحتدم بينهم المعارك ، ولكن لا تتحطَّم فيها إلا اللعب..
أمَّا الكبار فيصنعون المدفع الضخم من الحديد ، للجسم الليًّن من العظم.
أيتها البهائم ، اخلعي أرسانك ولو يوماً..
لا يفرح أطفال الدار كفرحهم بطفل يولد: فهم يستقبلونه كأنه محتاج إلى عقولهم الصغيرة. ويملأهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر الخلق ، لقربهم من هذا السر.
فيا أسفاً علينا نحن الكبار، ما أبعدنا عن سر الخلق بآثام العمر،
وما أبعدنا عن سر العالم ، بهذه الشهوات الكافرة التي لا تؤمن إلا بالمادة،
يا أسفاً علينا نحن الكبار، ما أبعدنا عن حقيقة الفرح،
تكاد آثامنا ـ والله ـ تجعل لنا في كل فرحة خجلة...
أيتها الرياض المنوّرة بأزهارها..
أيتها الطيور المغرّدة بألحانها..
أيتها الأشجار المصفَّقة بأغصانها..
أيتها النجوم المتلألئة بالنور الدائم..
أنتً شتَّى: ولكنَّك جميعاً في هؤلاء الأطفال يوم العيد،
عن الدستور